لطلاب ماجستير الساميات في جامعة حلب 2010 - 2011
أهلاً بكم في هذا المنتدى الفاشل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

لطلاب ماجستير الساميات في جامعة حلب 2010 - 2011
أهلاً بكم في هذا المنتدى الفاشل
لطلاب ماجستير الساميات في جامعة حلب 2010 - 2011
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مقالات في التاريخ السرياني 2

اذهب الى الأسفل

مقالات في التاريخ السرياني 2  Empty مقالات في التاريخ السرياني 2

مُساهمة من طرف محمد مرجى حريري الجمعة 24 ديسمبر 2010 - 18:22

مشاهير السريان
القديس مار أفرام السرياني
(373 _ ? 303 م)
المعروف بأفرام السرياني أو (نبي السريان) الأب الأكثر إصغاءً في الكنيسة السريانية وواحد من أغزر كتابها والمقروءة كتاباته على نطاق واسع.
ولد كما يعتقد غالباً من أبوين مسيحيين في مدينة نصيبين حيث قضى معظم سنين حياته خادماً كشماس تحت أيدي أساقفتها ابتداءً بيعقوب النصيبيني (+833م).
في عام (363م) عندما أخضعت نصيبين للإمبراطورية الفارسية كان على سكانها المسيحيين أن يغادروها وهكذا أمضى سنين حياته العشرة الأخيرة في الرها حيث توفى سنة (373م).
ألف أفرام في كل من الشعر والنثر، وفي كلا هاتين الوسيلتين أستخدم أسلوبين مختلفين حيث أنه في بعض مؤلفاته النثرية أستخدم الكتابة النثرية السوية (العادية) في البعض الأخر منها لجأ إلى الصيغة النثرية المتقنة فنياً.
أما في شعره فقد أستخدم كلاً من الميامر (--) والداريش (--).
الميامر التي وظفها مار أفرام للشعر القصصي بيت (صدر وبحجز) بسبعة أوزانتطل منها (7+7) (وقد عرف هذا الوزن في ما بعد ببحر مار أفرام)، في حين أنه أستخدم الداريش ذات المقاطع الشعرية في الشعر الغنائي العاطفي.
تأتي شهرة مار أفرام الفائقة أصلاً من كونه شاعراً فخماً لا شك فيه أنه أعظم وأرق الشعراء السريان على مر التاريخ هذا دون إغفال كون مار أفرام لاهوتياً من الطراز النادر وواحد من الذين عمدوا إلى شرح اللاهوت عن طريق الشعر أكثر من النثر.
ما سنشير إليه في الأسفل يعتبر جزأً من مؤلفاته غير المشكوك فيها والتي ترجمت إلى اللغات الإغريقية والنبطية والعربية والآثورية.
النثر: (1)_ النثر العادي (السوي):
_ شروحات لسفر التكوين.
_ عرض وتعليقات على سفر الخروج.
لقد نسبت مجموعة كبيرة من شروحات أسفار العهد القديم لمار أفرام إلا أنه من المؤكد فقط أن شروحاته لسفري التكوين والخروج عائدة له.
وبدأ عظى مار أفرام في شرحه لسفر التكوين أهتماماً خاصاً للأصححات الأولى (خاصةً من 1_6).
_ تعليقاته على الدياطيرون:
يركز مار أفرام التعليق في مؤلفه هذا على بعض النجم للأناجيل المعروف بدياطيرون أكثر من تركيزه على أنجيل واحد بعينه.
ويتمتع تعليقه هذا بأهمية فائقة كونه عائداً إلى القرن الرابع كمصدر واسع النطاق للتفسيرات السريانية لنص الأنجيل.
_ مؤلفات نثرية واحضة (مناهضة):
يتضمن هذا العنوان الحديث العهد على المؤلفات التالية لمار أفرام:
خمس خطب موجهة لهيباتيسوس ضد العقائد والأفكار المضللة، وخطبة ضد برديصان بعنوان (دومنوس) وخطبة ضد مرقيون وخطبة ضد ماني.
النثر: (2) _ النثر الفني (المتقن فنياً):
_خطبة في الرب.
_ رسالة إلى موبليوس.
ثمة مقطعان مازالا موجودين حتى الأن من رسالته هذه التي تتحدث عن الواسطة في يوم الدين.
_ خطبة في المعجزات التي قام بها موسى في مصر.
تنتمي هذه الخطبة إلى مجموعة من الخطب المكتوبة إلى مار أفرام، غير أنه تم التأكد فقط من أن هذه من تأليف مار أفرام حقاً.
الشعر: (1)_ الشعر القصصي (الميامر ---):
_ ستة ميامر عن الإيمان (وهي من مؤلفاته الأولى).
_ ميمر ضد برديصان.
_ ميامر عاى نيقوميديا.
تتحدث هذه المجموعة من الميامر كما يدل عنوانها عن التدمير الهائل الذي أحدثه الزلزال الذي ضرب مدينة نيقوميديا سنة (358م).
مازالت بضعة مقاطع من هذه الميامر موجودة حتى الأن في لغتها الأصلية (السريانية) لكنها متوفرة بكاملها في ترجمتها الأرمنية المبكرة.
_ فيما يلي الميامر التي يظن بأنها عائدة لمار أفرام:
1_ ميمر عن التهذيب.
2_ ميمر عن يونان وتوبة نينوى.
تمت ترجمة هذه القصيدة القصصية الطويلة إلى اللغات الأغريقية والأرمنية والجورجية والأثيوبية.
3_ عن المرأة الخاطئة.
بالعودة إلى أصل هذه القصيدة المؤثرة فإنها تعتبر حقيقية.
_ فيما يلي نذكر كتابات أخرى هامة عنونت بأسم مار أفرام إلا أنه من غير المؤكد فيما إذغ كانت هذه المؤلفات تعود إلى مار أفرام نفسه أم إلى ناشر أعماله.
على أية حال أثبت وجود هذه الأعمال في سنة (485م) حيث أن مار فيلطسينوس يشير إلى عدداً منها وهي كالتالي:
_ مداريش عن الإيمان:
هذه هي المجموعة الأضخم (87 قصيدة) كما انها تضم مجموعة شهيرة من خمس قصائد (81_ 85) عن اللؤلؤة ومغزاها.
مداريش عن نصيبين:
في النصف التالي من هذه المجموعة (أعداد 52_54) يوظف مار أفرام أسلوباً أدبياً قديماً معروفاً في ما بين النهرين وهو عبارة عن جدال تم التعرض إليه مسبقاً (بين الشيطان والموت في هذه الحالة) وهما يتبادلان الحديث الحامي مظهراً كل منهما أنه يفوق قوة على الإنسان.
_ مداريش ضد الهرطقات:
قصائد هذه المجموعة المؤلفة من (56) مدريش موجها بمعظمها ضد تعاليم مرقيون وبرديصان وماني، كما تعطى مواضيع أخرى مثل (الزيت _ والزيتون _ وأمثال الرب وغيرها).
_ مداريش عن الكنيسة:
تعطى هذه المجموعة المؤلفة من (52) مدريش عدداًمن المواضيع هي كالتالي:
_ مداريش عن ميلاد الرب.
_ مداريش عن الصليب والقيامة.
_ مدارش عن الفردوس.
_ مداريش عن الصوم.
_ مداريش ضد يوليان.
أن نذكر في هذه العجالة ما ألفه مار أفرام -----مستحيل.
نستطيع القول إن هذا المقلم الفذ لم يدع موضوعاً دينياً دون أن يطرق بابه شعراً أو نثراً، فبلا ادنى شك يستحق مار أفرام أن يدعى ملفان النبطية الأعظم ---- وملفان اللاهوت ولكن قد يكون نسب ما يدعى به هذا الملفان هو أن شمس السريان.
هذه بعض أبيات مختارة من قصائد مار أفرام
_ من ميمره عن وجود الله وتشبيهه إياه بالبحر:
1_ فقبل الظل هو وبعد الظل هو ووسط الظل
هو شبيه البحر هو وفيه الكائنات كلها تحيا
2_ وكالسمك المطمور بمياه البحر هكذا هو الله
مطمور بالعلو والعمق والقرب وما يكمن فيها
3_ وكما السمك ترافق المياه أينما ذهب
كذلك الله يرافق ويرى كل انسان دائماً
------------------------
_ من ميمره عن ميلاد الرب:
1_ حينما رأى الله أنه للعبيد سجدنا
لبس تعالى جسد العبد ليصطادنا بما نحن عليه
2_ وبهذا المجهول ---شفانا
وبهذا المخلوق خالقنا أحيانا
-------------------------
_ منة نصائح وحكم مار أفرام:
1_ إن الحكمة لأفضل من السلاح والعلم لأكرم من المال.
2_ إن طفلاً فهيماً لأفضل من شيخ كهل سخيف.
3_ إن الفم الذي خلق لمجد الله لا يمكن أن يكون مخرجاً للسباب.
4_ واللسان الذي صنع لمجد الله لا يصبح منفذاًُ للتجديف على الله.
5_ بجعلك مقام رفيقك كبيراً، ها قد جعلت مكانة الله عظيمة.
6_ كل من يحقد على رفيقه قد جعل نفسه بعيداً عن عفو الله.
7_ كل من تخلى عن – والغضب جعله الله مرضياً عنده ومحسناً.
8_ القلب الحقود والغضوب منبت للشيطان ومسكن.
9_ السباب الذي يدخل فيه الملك لا يجوز أن يكون منفذاً للأثم.
_ إن شاء الله تعالى سنفرد صفحات خاصة لنشر ما تيسر لنا من كتابات هذا الملفان العظيم باللغات السريانية والعربية والإنكليزية.

مشاهير السريان
أحيقار الحكيم
_ عن النص الذي نشره نيافة مار فيلكسينوس حنا دولباني مطران ماردين عن مخطوطة كيمبردج (رقم2020) في مطبعة الحكمة سنة 1962.
_ توكلاً على القوة الإلهية اكتب أمثال، أي قصة احيقار الحكيم كاتب سنحاريب ملك آثور ونينوى.

_ في السنة العشرين لملك سنحاريب بن سرحدون ملك آثور ونينوى (1)، أنا احيقار كنت كاتب الملك، وقيل لي لما كنت صبياً انك لن ترزق ولداً، والثروة التي كنت أملكها كانت أعظم من أن توصف.
تزوجت ستين امرأة وبنيت لهن ستين قصراً (2) ولم ارزق ولداً، فبنيت أنا احيقار مذبحاً عظيماً كله من الخشب واوقدت فوقه النار وقدمت ضحية رجاء صالح وقلت: آه يا إلهي وربي، إذا مت ولم انجب ولداً ماذا سيقول الناس عني؟ (سيقولون) ان احيقار البار الصالح تقي الله مات ولم ينجب ولداً ابناً لدفنه لا ابنة، وثروته

(1)_ المعروف أن سنحاريب هو أبن سرجون الثاني (704_681 ق. م.) لا أبن اسرحدون.إن اسرحدون هو أبن سنحاريب ملك في غضون (681_669 ق. م.) وفي القصة خطاء تاريخي واضح بينما النص الأرامي القديم يسجل هذه الناحية التاريخية صحيحة، وفي النصوص الأشوربية يرد أسم اسرحدون كما سجله النص الأرامي لا سرحدون كما يرد في هذا النص.

(2)_ العدد رمزي فقط يدل على الكثرة في الكتابات القديمة.
ليس لها من يرثها، كرجل ملعون، فاطلب أليك اللهم أن ترزقني ولداً ليرمي التراب على عيني يوم أموت، وسمعت هاتفاً يقول: يا أحيقار الكاتب الحكيم، لقد منحتك كل ما طلبت الي، ولكني تركتك بدون بنين، يكفيك ذلك فلا تقلق، فإنا نادن ابن أختك سيصبح ابناً لك، يمكنك مع تربيته وتنشأته ان تعلمه كل شيْ، ولما سمعت ذلك حزنت وقلت: آه اللهم ربي، اتعطيني نادن ابن اختي ابناً؟ يرمي التراب على عيني يوم اموت؟ فلم ألق جواباً، فصدعت للأمر، واتخذت نادن ابن اختي ابناًلي، وكان طفلاً فسلمته لثماني مرضعات، واطعمته العسل واجلسته على الطنافس الفاخرة والبسته الخر والأرجوان، فنما ابني وتعالى كالارز، ولما ترعرع ابني علمته الكتابة والحكمة. ولما عاد من رحلته دعاني وقال لي: يا أحيقار الكاتب الحكيم، يا كاتم أسراري، إذغ شخت ومت من بعدك يخدمني مثلك؟ قلت: عش إلى الأبد يا سيدي الملك، لدي ابن مثلي حكيم قد حذق الكتابة والأدب. قال الملك: علي به فأراه، إذا كان بأمكانه الوقوف امامي، اصرفك بأمان فتقضي شيخوختك بكرامة حتى نهاية حياتك.
فأخذت نادن ابني وأوقفته بحضرة الملك فلما رآه سيدي الملك قال: لين هذا اليوم مباركاً أمام الله، فكما سار أحيقار أمام أبي سرحدون فكوفيْ، أقام وهو حي ابنه في بابي،فليخلد هو إلى الراحة. فسجدت، أنا أحيقار، للملك وقلت: عش إلى الأبد يا سيدي الملك، كما سرت أمام ابيك وامامك إلى الأن، ارجو عطفك على حداثة سن ابني هذا، كي يتضاعف فضلك علي، ولما سمع الملك ذلك أعطاني يمن العهد، فسجدت _ أنا أحيقار _ للملك ولم أكن انقطع عن تعليم ابني فأشبعته العلم كما أشبعته اخبز والماء،وكنت أقول له:
1_ اسمع يا بني نادن، وتفهم تعليمي،واذكر كلامي ذكرك كلام الله (1).
2_ يا بني نادن، إذغ سمعت كلمة دعها تموت في قلبك ولا تبح بها لإنسان، لئلا تصير جمرة في فمك، فتكويك، وتترك وصمة في نفسك، فتكون مكروها في الأرض وتجدفه على الله.
3_ يا بني لا تبح بكل ما تسمع، ولا تشهر كل ما ترى.
4_ يا بني لا تحل عقدة ربطت وتربط عقدة حلت.
5_ يا بني لا ترفع نظرك إلى امرأة متبرجة متكحلة ولا تشتهها في قلبك، لأنك إن اعطيتها كل ما ملكت يداك لن تجد فيها خيراً وترتكب أثماً امام الله.
6_ يابني لا تفسق بامرأة صاحبك لئلا يفسق أخرون بامرأتك.
7_ يا بني لا تكن عجولاً كشجرة اللوز فإنها تزهر قبل جميع الأشجار وتطعم بعدها جميعاً، بل كن كشجرة التوت هادئاً متأنيا فإنها تورق أخر الأشجار وتطعم قبلها جميعاً.
8_ يا بني طأطيْ عينيك واخفض صوتك وانظر بأحتشام لأنه لو أمكن بناء البيوت بالصوت العالي لبني الحمار بياين في يوم واحد، ولو أمكن جر المحراث بالقوة لما فارق النير منكب الجمل.
9_ نقل الحجارة مع رجل حكيم أفضل من شرب الخمرة مع رجل جاهل.
(1)_ اثبتنا الأرقام هنا طبقاً للنص السرياني الأنف الذي أخذنا الترجمة عنه.
10_ يابني أسكب خمرتك على قبور الصالحين ولا تشربها مع الأثمة.
11_ يابني، مع الحكيم لن تفسد، ومع الفاسد لن تكون حكيماً.
12_ يابني عاشر الحكيم تصبح حكيماً مثله، ولا تعاشر الوقح المهذار لئلا تحسب نظيره.
13_ يا بني طالما أنت منتعل درس الأشواك ومهد الطريق لأبنائك وأحفادك.
14_ يابني يأكل ابن الغني حية فيقول الناس للشفاء أكلها، ويأكلها ابن الفقير فيقولون لجوعه يأكلها.
15_ى يابني كل نصيبك ولا تقتحم نصيب أقرانك.
16_ يابني، مع عديم الحياء حتى الخبز لا تأكل.
17_ يابني لا تغتم لخير يناله مبغضك ولا تفرح لشر يصيبه.
18_ يابني لا تقرب امرأة مهذارة ولا صخابة.
19_ يابني لا يغرينك جمال المرأة ولا تشتهها في قلبك لأن جمال المرأة ذوقها وبهائها نطقها.20_ يابني إذا جابهك مبغض بالشر فجابه أنت بالحكمة.
21_ يابني إن الأثيم يسقط ولا ينهض والبار لا يتزعزع لأن الله معه.
22_ يابني لا تحرم ابنك من الضرب (التأديب) لأن الضرب للصبي كالسماد للبستان، وكالجام للبهائم، وكالقيد في رجل الحمار.
23_ يابني أخضع ابنك مادام صغيراً قبل أن يفوقك قوة ويتمرد عليك فتجل في مساوئه.
24_ يا بني اقتن ثوراً يربض وحماراً ذا حوافر ولا تقتن عبداً آبقا ولا أمة لصة لئلا يفقداك ثروتك.
25_ يا بني إن كلام الكذوب كالعصافير السمينة، وعديم الحكمة يأكلها.
26_ يابني لا تجلب عليك لعنة أبيك وامك لئلا تحرم الفرح بنعم ابيك.
27_ لا تسر في طريق بدون سلاح لأنك لا تعلم متى يقابلك عدوك.
28_ يا بني كما أن الشجرة مزدانة بأغصانها وثمرها، والجبل بأحتباك اشجاره هكذا يزدان الرجل بأمرأته وبنيه، والرجل الذي ليس له أخوة وزوجة وبنون محتقر ومهان بين أعدائه، يشبه شجرة على قارعة الطريق يستبيحها كل عابر، وكل حيوان البر يقضم أوراقها.
29_ يابني لا تقل أأن سيدس غبي وانا حكيم، بل امسكه متلبساً بمساوئه فتتسامى.
30_ يابني لاتحسب نفسك حكيماً والناس لا يسبونك كذلك.
31_ يابني لا تكذب أمام سيدك بكلامك، لئلا تحتقر ويقول لك اغرب عن وجهي.
32_ يابني ليكن كلامك صادقاً، ليقول لك سيدك اقترب مني فتحيا.
33_ يابني لا تجدف على الله يوم محنتك لئلا يغضب عليك حين يسمعك.
34_ يابني لا تفضل عبداً من عبيدك على صاحبه لأنك لا تعلم أيهم ستحتاج اليه آخر الأمر.
35_ 0يابني، الكلب الذي ترك صاحبه وتبعك ارمه بالحجارة.
36_ يابني إن القطيع المبدد في الفلوات يكون من نصيب الذئاب.
37_ يابني كن عادلاً باحكامك في شبابك تنل كرامة في شيخوختك.
38_ يابني اجعل لسانك حلواً وكلامك عذباً فإن ذنب الكلب يطعمه خبزاً وفمه يكسبه ضرباً.
39_ يابني لاتدع صاحبك يدوس رجلك لئلا يدوس عنقك.
40_ يابني اضرب العاقل كلمة حكيمة فتكون في قلبه كالحمى في الصيف، لأنك إذا ضربت الجاهل عصياً كثيرة فلن يشعر.
41_ يابني أرسل الحكيم ولاتكرر عليه التوصية، وإذا كان لا بد من ارسال جاهل فالأفضل أن تذهب انت من ان ترسله.
42_ يابني جرب ابنك الخبز والماء ومن ثم يمكنك أتمانه على ثروتك وأموالك.
43_ يابني كن أول من يغادر الوليمة ولا تنتظر الدهائن اللذيذة لئلا تصاب بفدوغ برأسك.
44_ يابني من كانملآن اليد يدعى حكيماً ومحترماً، ومن كان فارغها يدعى مسيئاً ووضيعاً.
45_ يابني إني حملت الملح ونقلت الرصاص فلم اجد أثقل من الدين، فليف الإنسان ولا يقترض.
46_ يابني حملت الحديد ونقلت الحجارة فلم اجد أثقل من رجل يسكن بيت حميه.
47_ يابني علم ابنك الجوع والعطش ليدبر بيته بروية.
48_ أعمى العينين أفضل من أعمى القلب لأن اعمى العينين يتعلم طريقه سريعاً، واما أعمى القلب فإنه يحيد عن الطريق السوي ويتيه في الظلال.
49_ يابني صديق قريب خير من أخ بعيد والأسم الجيد خير من الجمال الباهر، لأن الأسم الجيد يدوم إلى الأبد والجمال يذوي ويزول.
50_ يابني الموت خير لرجل لا راحة له وصوت النحيب في اذني الجاهل أفضل من الغناء والفرح.
51_ يابني الزبد الذي في يدك خير من الدهن الذي في قدر الآخرين (1)، ونعجة قريبة خير من بقرة بعيدة، وعصفور في اليد خير من ألف عصفور طائر، والفقر الذي يجمع خير من الغني الذي يبدد، ورداء صوف ترتديه خير من خز وأرجوان يرتديه الآخرون.

(1)_ فضلنا ترجمة هذا النص على النحو الذي اثبتناه، لأن كلمة ---- أو ---- تعني (الزبدة) أيضاً، ولأن كلمة ---- اختلف المترجمون فبها فتبعاً لما يرد في القواميس فقالوا فيها (شعرة) كما ترجمها غيرهم (جناح) وغيرهم (فخذ) بينما لا ترد بهذين المعنيين في القواميس مطلقاً بل ترد بمعنى (الزفت القير أو القار) وما إلى ذلك، وبناء على ذلك عولنا اعتماد كلمة ---- عوضاً عن ---- طبقاً لبعض النسخ من النص السرياني، ولا شك أن كلمة ---- تعني الزيت او الدهن فلا يستقيم المعنى إلا كما ترجمناه هنا تخلصاً من مشكلة كلمة ---- مع العلم ان هذا النص ورد في نسخة كرشونية على شكل أخر بعيد عن هذا التعبير فقيل فيه (كسر خبزة في يدك خير من وزنة معجن الآخرين) مجلة لسان المشرق السنة "> 4 _ 1951 ص 136 [.
52_ يابني احصر الكلمة في قلبك تسعد، لأنك إذا بدلت كلامك فقدت صديقك.
53_ يابني لا تطلق الكلمة من فمك حتى تروزها في قلبك لأنه خير للرجل أن ان يعثر في قلبه من أن يعثر في لسانه.
54_ يابني إذا سمعت كلمة سوء فأدفنها في الأرض عمق سبعة أذرع.
55_ يابني لا تقف حيث الخصومة لأن من الخصام ينتج القتل.
56_ يابني كل من لا يقضي قضاء عادلاً يغضب الله.
57_ يابني لا تبتعد عن صديق ابيك فربما لا يصلك صديقك (2).
58_ يابني لا تقتحم بستان العظماء ولا تقرب بنات الكبراء.
59_ يابني حام صديقك أمام السلطان لكي يمكنك أن تحاميه امام الأسد (ربما الملك).
60_ يابني لا تفرح إذا مات عدوك.
61_ يابني إذا رأيت رجلاً أسن منك فقف له إجلالاً.
(2)_ فضلنا النص الوارد في حاشية (ص 14) من طبعة نيافة المطران مار فيلكسينوس يوحنا وهو ---- لا تبتعد عوضاً عن ---- أبعد، لأن الأول أصوب كما ترى.
62_ يابني إذا وقف الماء بدون أرض او طار العصفور بدون جناح أو ابيض الغراب كالثلج، اوحلي المر كالعسل، فحينئذ يصير الجاهل حكيماً.
63_ يابني إذا كنت كاهن الله فأتقه واظهر بحضرته طاهراً ولا تبرح من أمامه.
64_ يابني من أنعم الله عليه فأحترمه انت ايضاً.
5_ يابني لا تقاوم من كان في أوج قوته (في يومه _ حرفياً) ولا تناحر النهر في طغيانه.
66_ يابني إن عين الإنسان هي كينبوع ماء ولا تشبع من الأموال حتى تمتلئ بالتراب.
67_ يابني إذا اردت أن تكون حكيماً فأمنع فمك عن الكذب، ويدك عن السرقة تكن حكيماً.
68_ يابني لا تتدخل في زواج إمرأة لأنها إذا شقت لعنتك وإذا سعدت فلن تذكرك.
69_ يابني بهي الثياب مقبول الكلام وحقيرها مرفوض.
70_ يابني إذا لقيت لقية أمام صنم فقدم له منها حصته.
71_ اعضد يداً كانت ميسورة فجاعت واكففها ليد كانت جائعة فشبعت.
72_ يابني لا تنظر عيناك جمال امرأة ولا ترن إلى جمال ليس لك لأن كثيرين هلكوا بجمال امرأة وحبها كالنار اللاهبة.
73_ يابني خير لك أن يضربك الحكيم عصياً كثيرة من أن يدهنك الجاهل بطيب معطر.
74_ يابني لا تكثر من زيارة صديقك لئلا يملك فيشنأك.
75_ يابني لا تضع خاتم ذهب في أصبعك وانت خالي الوفاض لئلا يزدريك الجهال.
هذا هو التعليم الذي علمه أحيقار لأبن أخته نادن
_ اما انا احيقار فقد ظننت ان كل ما علمت نادن سيعلق بقلبه، فيخلفني في في باب الملك، ولم أكن أدري ان نادن ابني لن يطيع كلامي بل سيذريه ادراج الرياح، ويعود فيقول: إن احيقار ابي قد شاخ وهو على شفا قبره، قد اختلت معرفته وضئلت حكمته. وراح نادن ابني يسيْ إلى عبيدي فيضربهم ويعبث في كل شييْ لي تبديداً وأتلافاً ولم يكن يشفق على عبيدي وأمائي النشيطين المحبوبين جداً، وكان يقتل خيلي ويعقر بغالي القوية ولما رأين أن نادن تمادى في عبثه هذا، قلت له: يابني نادن، لا تقرب أموالي فقد قيل في الأمثال، حيث لم تجني اليد لا ترحم العين ونقلت كل هذا الكلام لسيدي سنحاريب فأصدر سيدي أمراً يقول: مادام أحيقار حياً فلا سلطان لأحد على ثروته.
حينئذ لما رآى، نادن بني اخاه نبوزردان في بيتي، اغتاض جداً، وقال ان احيقار ابي قد شاخ فضحلت حكمته، وتفهت كلماته الحكيمة، واخشى أن يعطي ثروته لأخي نبوزردان، ويطردني من بيته.
ولما سمعت أنا احيقار، هذا الكلام، قلت في نفسي. ويحك يا حكمتي !! فقد ظنك نادن ابني تفاهة !! واعتبر كلماتي الحكيمة فارغة.
ولما سمع نادن ذلك غضب. وذهب إلى باب الملك. مضمراً الشر في قلبه، فجلس وكتب رسالتين إلى ملكين من أعداء سيدي سنحاريب، الأولى: إلى أخي (اغيش) ابن حمسليم ملك فارس وعيلام، وقال: (من احيقار الكاتب وحامل أختام سنحاريب ملك آثور ونينوى، سلام. إذا وصلت إليك هذه الرسالة، بادر ولاقني في آثور، وأنا أدخلك آثور فتستولي عليها بدون حرب).
وكتب رسالة ثانية: (إلى فرعون ملك مصر، من احيقار الكاتب، وحالم أختام ملك آثور ونينوى، سلام: إذا وصلت إليك هذه الرسالة، بادر وأزحف إلى بقعة النسور (ربما قنسرين على الفرات) في الجنوب، في اليوم الخامس والعشرين من شهر آب، وأنا ادخلك آثور فتستولي عليها بدون حرب).
وقلد بذلك خط يدي، وختمها بختم الملك. وكتب رسالة آخرى، كأنها موجهة إلى من سيدي سنحاريب وقال: (من سنحاريب الملك إلى أحيقار الكاتب وحامل أختامي، سلام: إذا وصلت إليك هذه الرسالة، عبئ الجيش كله إلى الجبل المسمى (صيص) ومن هناك أهبط وهيأ للقائي في بقعة النسور في الجنوب، في اليوم الخامس والعشرين من شهر آب. وإذا رآيتني اتقدم إليك شن الحرب علي كأنك رجل يريد قتالي، لأن سفراء وردوا إلي من فرعون ملك مصر، ليتجسسوا قوتي)
وأرسل نادن ابني هذه الرسالة إلي بيد جنديين من جنود الملك. وأخذ نادن الرسائل التي كتبها كأنه أكتشفها إكتشافاً، وقرأها امام الملك. ولما سمع سيدي الملك ذلك ولول وقال: يا إلهي ماذا جنيت ‘ على احيقار، ليكيل لي هذا الجزاء؟ فأجاب نادن وقال: لا تغتم ولا تغضب يا سيدي الملك. هيا بنا لنذهب إلى بقعة النسور في اليوم المعين في الرسالة، وإذا صح الأمر فليكن ما تأمر به.
واصطحب نادن ابني الملك سيدي، ووافياني إلى بقعة النسور، فوجداني ومعي جيش عظيم محتشد هناك ولما رأيت الملك هيأت جنودي للحرب طبقاً لما ورد في الرسالة. وإذ رآى الملك ذلك ارتاع جداً، فأجاب نادن ابني وقال له: لا ترتع يا سيدي الملك، عد إلى بلاطك بسلام وسآتي بأحيقار أمامك.
حينئذ عاد سيدي الملك إلى بيته، فجاء إلي نادن ابني وقال: كل ما فعلت كان حسناً، وقد مدحك الملك كثيراً، وقد أمر أن تصرف الجنود كلاً إلى بلده وبيته، وتأتي وحدك. ثم مثلت أمام الملك، ولما رآني الملك قادماً قال: يا أحيقار كاتبي، يا ربيب آثور ونينوى. يا من رفعت إلى مقام الكرامة، فأنقلبت واصبحت من أعدائي، ودفع إلى الرسائل المكتوبة بأسمي، والمختومة بختمي. ولما قرأتها تعلثم لساني، وارتخت مفاصلي، وحاولت أن اجد كلمة واحدة من كلمات الحكمة فلم أوفق. فقال لي نادن ابني، اغرب من امام الملك أيها الشيخ الأخرق، وهات يدك للقيود، ورجليك لأصفاد الحديد. فأشاح الملك وجهه عني، وخاطب نبوسمخ مسكين زميلي وقال: قم اذهب واقتل أحيقار، وافصل رأسه عن جسمه مئة ذراع. وعندئذ أرتميت على وجهي إلى الأرض وسجدت للملك وقلت: عش إلى الأبد يا سيدي الملك، وطالما شئت قتلي، فليكن كأمرك وكأرادتك، وأنا متأكد اني لم اسيْ أليك. فمر أن اقتل في باب بيتي، وليعط جثماني ليدفن. فقال الملك لنبوسمخ مسكين زميلي: أذهب واقتل احيقار امام باب داره وارفع جثته لتدفن.
حينئذ، انا احيقار ارسلت إلى اشغفني زوجتي، وطلبت إليها ان تهيْ ألف فتاة من صبايا عشيرتي فيلبسن الحداد وينحن ويولولن ويبكين علي، ويزحفن إلى بابي، ويقمن مناحة قبل موتي. وطلبت إليها أن تعد وليمة للطعاو والشراب لزميلي نبوسمخ وللجنود الذين معه، وقلت لها: اخرجي للقائهم واستقبليهم وادخليهم إلى داري، واخل انا ايضاً كضيف. وكانت اشغفني زوجتي حكيمة جداً، ففهمت كل رغبتي، واعدت كل ما طلبت إليها إعداده، وخرجت تستقبلهم فأدخلتهم إلى داري، فتناولوا الطعام وكانت تخدمهم بذاتها، حتى استلقوا في اماكنهم نائمين من شدة سكرهم، ثم انا احيقار دخلت وقلت لنبوسمخ مسكين، انظر إلى الله ايها الأخ، واذكر الصداقة التي بيننا، ولا تسبب موتي وأذكر ان الملك اسرحدون ابا سنحاريب اسلمك يوماً إلى لكي اقتلك فلم اقتلك لأني عرفتك بريئاً واستحييتك حتى طلبك الملك، ولما جئت بك أمامه اعطاني عطايا ثمينة، ونلت منه هدايا سنية، وانت الأن ابقني حياً ورد إلى ذلك الجميل لئلا ينتشر ذلك الخبر بأني لم أقتل، فيعاقبك الملك. هوذا في السجن عندي عبد اسمه منزيفر محكوم عليه بالموت، البس العبد ثيابي، وايقظ عليه الجنود فيقتلونه، واما انا فلا أموت لأني لم أسئ. ولما قلت هذا، ونبوسمخ مسكين زميلي ايضاً حزن علي كثيراً واخذ ثيابي والبسها العبد الذي في السجن، وايقظ الجنود، فنهضوا، ولم تزل الخمرة تلعب برؤسهم وقتلوه، وفصلوا رأسه عن جثته مئة ذراع، ورفعوا جثته فدفنت. فذاع في آثور ونينوى ان احيقار الكاتب قتل. ونهض نبوسمخ مسكين وزوجتي اشفغني لي مخبأ في الأرض عرضه ثلاثة أذرع وارتفاعه خمسة اذرع، تحت عتبة باب بيتي، وزوداني بالخبز والماء، وذهبوا فأكدوا لسنحاريب الملك، ان احيقار الكاتب مات. ولما سمع الرجال ناحوا علي، والنساء مزقن علي وجوههن وولولن قائلات: وأفاه عليك يا أحيقار الكاتب الحكيم، يامقيل عثرات بلادنا، لن يكون لنا مثلك إلى الأبد.
حينئذ، دعا سنحاريب الملك ابني نادن وقال له: اذهب واقم مناحة لأحيقارأبيك، وعد إلي، ولما جاء نادن ابني، لم يعمل مناحة ولم يذكرني، بل جمع الرعاة والخلفاء وأجلسهم على مائدتي على صوت الغناء والفرح العظيم، وعرى عبيدي وامائي المحبوبين وجلدهم بدون رحمة. ولم يخجل ايضاً من اشفغني زوجتي، بل راودها عن نفسها. وانا احيقار كنت ملقى في الظلام في اعماق الجب اسمع اصوات خبازي وطهاتي وسقاتي يبكون وينوحون في بيتي.
وبعد بضعة أيام جاء نبوسمخ مسكين، وفتح مكمني وشجعني، وقد لي خبزاً وماءً، فقلت له إذا خرجت من عندي فأذكرني امام الله وقل: اللهم البار العادل، ياصانع الخير في الأرض، اسمع صوت احيقار عبدك واذكر أنه ضحى لك الثيران المسمنة، كحملان الحليب، والأن هو ملقى في جب مظلم حيث لا يرى النور، فلم تنقذه وقد صرخ إليك، اسمع يارب دعاء زميلي.
ولما سمع فرعون ملك مصر أني انا احيقار قتلت، فرح فرحاً شديداً، وكتب رسالة إلى سنحاريب قال فيها: من فرعون ملك مصر إلى سنحاريب ملك آثور ونينوى، وسلام، لقد وددت أن ابني قصراً بين الأرض والسماء، ففتش وارسل لي من مملكتك معماراً حكيماً يجيد عمل كل ما اسأله. وإذا ارسلت لي رجلاً مثل هذا، أقد لك جزية مصر لمدة ثلاثة سنوات، وإن لم ترسل إلي رجلاً يجيب عن كل ما اسأله، قدم لي جزية آثور ونينوى لمدة ثلاثة سنوات بأيدي أعضاء الوفد الذي أرسلته إليك.
وعندما قرأت هذه الرسالة في حضرة الملك، دعا جميع نبلاء مملكته واشرافها وقال لهم: من منكم يذهب إلى مصر ليجيب الملك عما يسأله؟ ويبني له القصر الذي طلبه ويجلب جزية مصر لثلاث سنوات؟ ويعود؟ ولما سمع النبلاء، قالوا: تعلم يا سيدنا الملك ان المشكلات مثل هذه ليس في عهدك فحسب بل في عهد ابيك اسرحدون كان احيقار الكاتب يحلها، والان ايضاً هوذا ابنه وهو متعلم ادبه وحكمته. ولما سمع نادن ابني ذلك صرخ بحضرة الملك وقال: إن الألهة ذاتها لا يمكنها عمل ذلك، ناهيك عن البشر. ولما سمع الملك ذلك اغتم كثيراً، ونزل عن عرشه وجلس على الأرض وقال: وأسفاه عليك يا احيقارل الحكيم اني فقدتكبسعاية صبي، فمن يعيدك إلي الأن، فأعطيه ثقلك ذهباً؟
ولما سمع سمخ مسكين زميلي ذلك، جثا امام الملك وقال: ياسيدي، إن الذي يهين امر سيده يستحق الموت، وإني يا سيدي قد أهنت جللاتك فمر ان اشنق لأن احيقار لذي امرت بقتله مازال حياً، ولما سمع الملك ذلك قال: تكلم تكلم نبوسمخ مسكين تكلم ايها الرجل الهمام الصالح، يا من لا تعرف الشر، إذا كان الأمر كما تقول وتحضر إلي احيقار حياً أغدق عليك العطايا فضة زنة مئة وزنة، وارجواناً زنة خمسين، قال له نبوسمخ مسكين. اقسم لي يا سيدي الملك انه إذا لم تكن لي ذنوب اخرى اقترفتها ضدك أنك تغفر لي هذه الجريرة، واقسم له الملك على ذلك. وحالا استقل الملك مركبته ووصل إلي سريعاً وفتح مخبأي (فتح بوجهي) فخرجت وجثوت امام الملك وشعر رأسي ملقى على كتفي ولحيتي انحدرت إلى صدري، وجسمي كله معفر بالتراب، وأظافري طويلة مثل مخلب النسر. ولما رآني الملك بكى وخجل أن يكلمني، وبغم عظيم قال لي: يا احيقار أني لم اجني عليك انا، بل الذي جنى عليك هو ابنك الذي ربيت. حينئذ قلت له: الآن يا سيدي، وقد رأيت وجهك كأني لم أصب بسوء. وقال لي الملك: امض إلى بيتك يا احيقار، واحلق شعرك واغسل جسمك، واستعد قوتك مدة اربعين يوماً. وبعد ذلك عد إلي.
ثم دخلت بيتي، ومكثت زهاء ثلاثين يوماً. ولما عادت إلي قوتي، مثلت امام الملك. فقال لي الملك: أرأيت يا احيقار ماذا كتب إلي فرعون ملك مصر؟ فأجبت وقلت له: لا تهتم بذلك يا سيدي الملك سأذهب إلى مصر، وابني للمك قصراً وأجيبه عن كل ما يسألني. واجلب معي جزية مصر لمدة ثلاث سنوات.
ولما سمع الملك ذلك شمله فرح عظيم، وأقام احتفالاً عظيماً، وأقام (يوماً عظيماً) وقدم ضحايا عظيمة، ونفحني بالعطايا السخية، كما نفح واجلس نبوسمخ مسكين زميلي في مقدمة القوم. فكتبت إلى زوجتي اشفغني اقول: إذا وصلت إليك هذه الرسالة، أوصي صيادي أن يعدوي لي فرخي نسور، وأوصي غزال الكتان أن يعملوا لي حبال كتان يكون طول كل منها ألف ذراع وغلظه غلظ الخنصر، وأوصي النجارين أن يعملوا قفصين لفرخي النسرل، وسلمي إلى عوبائيل وطبيلم طفلين لا يتكلمان بعد وعلميهما أن يقولا: أعطوا البنائين الطين والملاط والقرميد فإنهم بطالون. فأعدت اشفغني امرأتي كل ما طلبت إليها.
حينئذ قلت للملك: الآن مر واسمح لي بالسفر إلى مصر. ولما أمر، اصطحب معي جيشاً وسافرت. ولما بلغنا نهاية الشوط الأول للمبيت، أطلقت فرخي النسر وربط الحبال بأرجلهما واركبت عليهما الصبيين فحملاهما وحلقا في الأجواء العالية. فأخذ الصبيان يصرخان كما تعلما: أعطوا الطين والملاط والقرميد للبنائين فأنهم بطالون.ثم اجتذبتهما.
ولما بلغنا مصر ذهبت إلى باب الملك، فأخبر الملك نبلاؤه ان قد وصل الرجل الذي أرسله ملك آثور.
وأمر الملك فأعطى لي بيت للمقام. وفي الغد مثلت امامه. وسجدت له وسلمت عليه، فسألني الملك ما اسمك؟ قلت: اسمي (ابقيم) إحدى النملات الوضيعة في المملكة. فأجاب وقال: إلى هذا الحد يحتقرني سيدك، فيرسل إلي نملة وضيعة من مملكته؟ فعد يا ابقيم إلى مقامك (محل سكناك) وغداً صباحاً هيا فقابلني. فأمر نبلائه أن يرتدوا في الغد ثياباً حمراء وارتدى الملك خزا واستوى على العرش، وأمر فمثلت امامه، وقال لي: من أشبه يا ابيقام، وعظمائي من يشبهون؟ فأجبت وقلت له: انك تشبه بيل ياسيدي الملك، ونبلاؤك يشبهون أحباره، وقال لي أيضاً إذهب إلى مقرك، وعد إلي غداً. وأ/ر الملك نبلاؤه في الغد، فارتدوا الكتان الأبيض، والملك ارتدى ثوباً ابيض واستوى على عرشه، وأمر فمثلت أمامه. وقال لي: من أشبه يا ابيقام، وعظمائي من يشبهون؟ فقلت له: أ،ك يا سيدي الملك تشبه الشمس وعظمائك يشبهون أشعتها. وقال لي إذهب ايضاً إلأى مقرك وعد إلي غداً. وأمر الملك عظمائه في الغد فأرتدوا ثياباً سوداء. والملك ارتدى ثوباً قرمزياً، وأمر فمثلت أمامه، فقال لي: من أشبه يا أبيقام، وعظمائي من يشبهون؟ فقلت له: أنك يا سي الملك تشبه القمر، وعظمائك يشبهون النجوم، وقال لي أيضاً إذهب إلى مقرك، وعد إلي غداً. وأمر الملك عظمائه في الغد فأرتدوا ثياباً مزركشة ملونة، وأضفى على أبواب البلط اللون الأحمر.
والملك ارتدى ثوباً بلون التفاح، وأمر فمثلت أمامه، وقال لي: من أشبه ياأبيقام، وعظمائي من يشبهون؟ فقلت،أنك ياسيدي الملك تشبه شهر نيسان، وعظمائك يشبهون ازهاره. فقال لي الملك، انك شبهتني تارة بالإله بيل وشبهت عظمائي بأحباره، وشبهتني ثانية بالشمس، وعظمائي بأشعتها، وشبهتني ثالثة بالقمر، وعظمائي بالنجوم، وشبهتني المرة الرابعة بشهر نيسان، وعظمائي بأزهاره، فقل لي ياأبيقام، سيدك من يشبه؟ فأجبته وقلت له: حاشاك ياسيدي الملك أن تذكر سيدي سنحاريب وأنت جالس، إن سيدي سنحاريب يشبه (ربما الإله ايلو) وعظمائه يشبهون البرق التي تتألق في السحب، وكلما شاء يبلور من المطر والندى بردا، وإذا أرعد يمنع الشمس عن الشروق وأشعتها عن الظهور. كما يمنع بيل عن التجول في الشوارع وعظمائه من الظهور ويمنع القمر من الإضاءة والنجوم من أن ترى (1).
ولما سمع الملك ذلك شق عليه وقال لي: أستحلفك بحياة سيدك قل لي ما أسمك؟ فأجبت وقلت له: أنا احيقار الكاتب، حامل ختم سنحاريب ملك آثور ونينوى، فقال الملك، ألم أسمع أن سيدك قتلك؟ فقلت له: اني لم ازل حياً يا سيدي الملك. أن الله انقذني مما لم تجنه يداي، فقال لي رح ياأحيقار إلى منزلك وعد إلي غداً. وقل كلمة لم أسمع بها بعد، ولا سمع بها عظمائي، كما لم تسمع قط في عاصمتي. فجلت مفكراً وفي قلبي رسالة ورد فيها: من فرعون ملك مصر إلى سنحاريب ملك آثور ونينوى، سلام، إن الملوك يحتاجون
(1)_ ويضاف إلأى ذلك في بعض النسخ ما يأتي:[ وإذا أراد يأمر الريح الشمالية فتهب وتلبد الغيوم وتهطل الأمطار والبرد فيضرب نيسان فتتساقط أوراق ">.

الملوك، والأخوة يحتاجون الأخوة، وفي هذا الزمان قل رفدى، وشح المال في خزائني، فمر وأرسل من خزائنك فضة مقدار تسعمائة وزنة، فأعيدها إليك بعد زمن قصير، فطويت الرسالة وقبضتها بيدي وأمر الملك فمثلت أمامه، فقلت لعل في هذه الرسالة كلمة لم تسمعها.
ولما قرأتها أمامه وأمام عظمائه، صرخ عظمائه – كما كان الملك قد أمرهم – وقالوا: قد سمعنا بهذه الكلمة، فقلت لهم أن مصر مدينة لآثور بمبلغ تسعمائة وزنة. ولما سمع الملك تعجب، فقال لي: اريد أن تبني لي قصراً بين الأرض والسماء. ويكون أرتفاعه عن الأرض ألف باع (قدر من اليدين) فأخرجت فرخي النسر وربطت الحبال بأرجلهما واركبت عليهما الصبيين وأطلقتهما وكان الصبيان يصرخان (أعطوا الطين والملاط والقرميد للبنائين فأنهم بطالون) (2) ولما رآى الملك دهش.
حينئذ، أخذت أنا أحيقار عصا وشرعت اضرب عظماء الملك حتى هرب جميعهم، فأنتهرني الملك وقال: لقد جننت يا أحيقار، من يستطيع أن يرفع شيئاً إلى هذين الصبيين؟ أما أنا فقلت له: دعك من ذكر سنحاريب سيدي، لا تقولو فيه سوءاً. لو كان حاضراً لبنى قصرين أثنين في يوم واحد. فقال لي الملك: دعك من أمر القصر يا أحيقار، وامض إلى منزلك، وعد إلي صباح الغد. وفي الصباح مثلت أمام الملك، فقال لي: ما هذا الأمر؟ إن حصان سيدك يصهل في آثور فسمعته خيولنا هنا فأجهضت؟ حينئذ خرجت من حضرة الملك وأمرت عبيدي أن يصطادوا لي هرة، فكنت أضربها بالسوط في شوارع المدينة. وعندما رآى المصريون ذلك، ذهبوا فقالوا للملك، أن أحيقار يستعلي على شعبنا ويهزأ بنا، فقد أمسك هرة وهو يضربها بالسوط في شوارع مدينتنا ,
(2)_ في بعض النسخ جملة آخرى بمعنى (أيها العامل أجبل).
فأرسل الملك يدعوني،فمثلت أمامه، فقال لي لماذا تهزأ بنا؟ فأجبت وقلت للملك، عش إلى الأبد يا سيدي، إن هذه الهرة أضرت بي كثيراً، فقد كان سيدي قد أ‘طاني ديكاً وكان صوته جميلاً، وكلما صاح الديك كنت أعلم أن سيدي يطلبني وكنت أذهب إلى باب سيدي، وفي الليلة الماضية ذهبت هذه الهرة إلى آثور وقطعت رأس ذلك الديك وأتت. فأجاب الملك وقال لي: يبدو لي يا أحيقار أنك هرمت فجننت، هناك ثلاثة مئة وستون فرسخاً من هنا إلى آثور، فكيف تقول أن هذه الهرة ذهبت في ليلة واحدة، وقطعت رأس الديك وعادت؟ فقلت له: إذن، كيف على بعد ثلاث مئة فرسخ سمعت خيولكم من هنا صهيل حصان سيدي فأجهضت؟ولما سمع الملك ذلك أغتم كثيراً، وقال: فسر لي ياأحيقار هذه الأحجية: هناك عمود على رأسه أثنتا عشر أرزة، وفي كل ارزة ثلاثون عجلة، وفي كل عجلة حبلان أحدهما أبيض والآخر أسود، فأجبت وقلت له: ياسيدي الملك إن رعاة الثيران في بلادنا يعرفون هذه الأحجية، فالعمود الذي ذكرته هو السنة، والأثنتا عشر ارزة، هي أشهر السنة الأثنا عشر، والحبلان الأبيض والأسود هما النهار والليل.
ثم قال لي أيضاً، يا أحيقار أفتل لي خمسة حبال من رمل النهر، فقلت له: مر ياسيدي أن يخرجوا لي حبلاً من الرمل من خزائنك لكي أعمل مثله، حينئذ قال: إن لم تعمل هذا، فلن أعطيك جزية مصر. فجلست عندئذ مفكراً (في قلبي) كيف أصنع ذلك؟ وخرجت من بلاط الملك، وثقبت في جدار البلط الشرقي خمسة ثقوب، ولما دخلت أشعة الشمس في الثقوب أثرت الرمل،فظهرت أشعة الشمس وكأنها حبال من الثقوب. قلت للملك: مر يا سيدي أن يزيلوا هذه الحبال، فأفتل لكم عوضها، ولما رآى الملك وعظمائه ذلك دهشوا.
ثم أمر الملك أن يؤتى بحجر رحى مكسور وقال لي: ياأحيقار خيط لنا هذه الرحى المكسورة فذهبت وأحضرت حجر رحى وطرحتها أمام الملكوقلت له: ياسيدي الملك، أنا غريب هنا، وليست معي آلة هذه الحرفة. فمر الأسكافيين أن يقطعوا لي قدا من هذه الرحى وهي رفيقة الرحى الأولى، وحالاً أخيطها ولما سمع الملك ذلك ضحك وقال: ليكن اليوم الذي ولد فيه أحيقار يوماً مباركاً أمام آلهة مصر ولأني رأيتك حياً، فإني أعتبر ذلك يوماً عظيماً وأقيم فيه مأدبة. ودفع إلي جزية مصر لثلاث سنوات. وعدت إلى سيدي الملك سنحاريب فوصلت، فخرج للقائي وأستقبلني وعمل يوماً عظيماً (احتفالاً عظيماً) وأجلسني في مقدمة أخصائه، وقال لي: أطلب ما بدا لك ياأحيقار. فسجدت للملك وقلت: ياسيدي الملك كل ماأريد أن تنفحني به، اعطه لزميلي نبوسمخ مسكين، لأنه هو أستبقاني حياً. وأما أنا فمر أن يدفع إلى يدي نادن ابني لكي أعلمه تعليماً جديداً لأنه نسي التعليم الأول. فقال الملك، أذهب ياأحيقار وكل ماتريد أن تفعل بنادن ابنك فأفعله، ولا من ينقذ جسده من يدك.
حينئذ اخذت نادن ابني، وجئت به إلى بيتي، وربطته بسلسلة حديدية زنة عشرين وزنة، وربطتها بحلقات، وطوقت عنقه بطوق، وضربته على كتفيه ألف عصا، وعلى متنيه ألف ضربة وضربة، وربطته في عتبة باب داري، واعطيته الخبز موزوناً وأسلمته إلأى غلامي نبوايل لكي يحرسه، وقلت لغلامي أكتب على لوحة ما أقوله لأبني نادن.
يابني، من لا يسمع من أذنيه فإنهم يسمعونه من قذاله.
أجاب نادن ابني وقال: لماذا حنقت على أبنك؟ أجبت وقلت له: يابني، أجلستك على كرسي الوقار وأما انت فقد طرحتني من كرسيي. فأنقذني بري، فصرت لي ياابني كالعقرب الذي لسع صخرة: فقالت الصخرة. أنك لسعت قلباً جامداً، ثم لسع أبرة، فقيل له: أنك لسعت حمة شرا من حمتك.
كنت لي ياابني، كالعنزة التي وقفت على شجرة السماق تأكل منها، فقالت لها شجرة السماق لماذا تأكليني؟ إن جلدك يدبغ في جذوري. قالت العنزة، إني أكلك وأنا حية، وبعد موتي يستئصلونك من جذورك.
كنت لي يابني، كمن رشق حجرة إلى السماء، فلم تبلغ السماء، وأقترف إثماً أمام الله.
كنت لي يابني، مثل رجل رآى رفيقه يرتجف من البرد، فأخذ قربة ماء بارد وصبها عليه، ليتك ياابني، استطعت القيام مقامي بعد مقتلي، فأعلم يابني، أن الخنزير لوطال ذنبه سبعة أذرع، لا يقوم مقام الحصان. ولو لأن شعره وابرق، لما أمكن أن يلبسه الكريم..
ياابني، أردتك أن تخلفني، فترث بيتي وثروتي ولكن لم يرق ذلك الله ولم يسمع صوتك.
كنت لي ياابني، كالأسد الذي صادف حماراً في الصباح وقال له: السلم عليك ياسيدي قوريس (كيريوس) فقال له الحمار، ليت سلامك هذا يعطى لمن ربطني مساء فلم يحكم ربطي فلم أكن أرى وجهك.
يابني، كان الفخ منصوباً في دمنة، فجاء عصفور فرآه وقال له: ماذا تعمل هنا؟ قال له الفخ، إني أصلي إلى الله. قال له العصفور: وما ذلك الذي في فمك؟ قال الفخ: خبز للضيوف.
فدنى العصفور منه وأخذه، فأطبق (الفخ) على عنقه وقال العصفور وهو يئن ألماً: إذاً كان هذا خبزاً للضيوف، ليت الإله الذي تصلي إليه لا يستجيب إليك.
وكنت لي يابني، كأسد ربط إلى جانب الثور. فالتفت الأسد وأفترسه.
وكنت لي يابني، كسوسة الحنطة التي أفسدت أهراء الملوك، وهي حقيرة الشأن.
كنت لي يابني، كقد ركب له قبضتان (أذنان) من ذهب ولكن أسفله لم ينظف من السواد.
كنت لي يابني، كفلاح بذر في حقله عشؤين مدا من الشعير، وعندما حصده انتج عشرين مدا، فقال للحقل: لقد حصدت ما زرعت فيك. وأما انت فيجب أن تخجل بصيتك السيء، لأنك أعطيت المد مدا، وأما أنا فكيف أستطيع العيش؟
كنت لي يابني، كعصفور لم ينج نفسه من الموت، وصوته غرر بأصحابه.
كنت لي يابني، كتيس أدخل رفاقه إلى المسلخ، وهو لا ينجي نفسه.
كنت لي يابني، كالكلب الذي دخل إلى فرن الخزافي ليتدفأ، وبعد أن دفئ نهض لينبح على الخزافين.
كنت لي يابني، كالخنزير الذي كان ذاهباً إلى الحمام ولما رآى حمأة وحل نزل فتمرغ بها ودعا اصحابه أن يتمرغوا.
إن اصبعي يابني، على فمك، واصبعك على عيني، فهل ربيتك أيها الثعلب لتكون عيناك ناظرتين إلى التفاح؟
ابني، إن الكلب الذي يأكل من صيده، يصبح من فصيلة الذئاب. واليد التي لا تجتهد تقطع من أصلها. والعين التي لا تبصر تقتلعها فراخ الغربان. فأي عمل صالح عملت معي يابني، لكي أذكرك فترتاح فيك نفسي؟
يابني، إذا الألهة سرقت فبماذا يستحلفونها؟ والأسد الذي يسرق قطعة أرض كيف يجلس فيأكلها؟ أنا، يابني، اريتك وجه الملك ورفعتك إلى كرامة باذجة. وانت رغبت في الإساءة إلي.
كنت لي، يابني، كالشجرة التي قالت لقاطعيها، لو لم يكن بأيديكم مني لهاجمتموني.
كنت لي ياابني، كفراخ السنونو التي سقطت من عشها فتلقفتهم هرة وقالت لها لو لم أكن انا لأصبكم شر عظيم. فقالت لها (الفراخ للهرة) ولهذا وضعتنا في فيك..
كنت لي يابني، كتلك الهرة التي قيل لها اتركي سرقاتك، فتدخلين دار الملك وتخرجين كما تشائين، فأجابت وقالت: لوخلقت لي عينا فضة، وأذنا فضة لما تركت سرقاتي.
كنت لي يابني، كالحية التي ركبت عوسجاً وطرحت في النهر. فرآهما ذئب وقال لهما: شر ركب شراً، وشر من كليكما يقودهما قالت له الحية: لو جئت إلى هنا لحسبت حساب
المعزى وبنيها.
إني يابني، رأيت عنزة قيدت إلى المسلخ، ولما لم يأت أجلها عادت إلى حضيرتها ورأت بنيها وبني بنيها.
يابني، رأيت إعفاء (جمع عفو) اضحت قاتلة لأمهاتها.
يابني، لقد أطعمتك كل ما لذ، وانت أطعمتني خبزاًُ معفراً ولم أشبع.
انا يابني، دهنتك بالطيوب المعطرة، وأما انت فعفرت بالتراب جسمي.
أنا يابني، ربيت قامتك كالأرز، وأنت احنيت حياتي، وافقدتني رشدي بشرك.
يابني، أنا رفعتك كالبرج وكنت اقول، إذا هاجمني عدوي أصعد إلى الحصن وأتحصن فيك، وانت إذ رأيت عدوي انحنيت له.
كنت لي يابني، كالخلد الخارج من الأرض لأستقبال الشمس، لأنه لا عينان له، فرآه النسر وهاجمه واختطفه. (ويتابع في نسخة آخرى قوله) والأن اسمل عينيك واقطع رأسك ولسانك.
أجاب نادن ابني وقال لي: حاشاك من هذا كله يا ابت احيقار، فأعطف علي برحمتك، فإن الله أيضاً يغفر للناس إذا أخطأوا. وانت اغفر لي هذه الجريرة، وأكون خادماً لخيلك، وراعياً لخنازير بيتك، ولادعى شريرا. وأنت لا تحسب لي الشر.
أجبت وقلت له: كنت لي يا ابني كتلك النخلة المغروسة على النهر، كانت تطرح كل اثمارها في النهر، ولما جاء صاحبها ليقطعها، قالت له: أمهلني هذه السنة فأثمر خرنوباً. فقال لها، انك لم تنجحي بأعطاء ثمرك، فكيف بأعطاء ما هو ليس لك؟
يابني، قيل للذئب، لم تسير وراء الغنم؟ قال: إن غبارها مفيد ودواء لعيني، وادخلوه (الذئب) المدرسة، فقال له المعلم: الف باء. قال الذئب: الجدي الحمل.
ياابني، أنا علمتك انه يوجد إله. وانت هاجمت العبيد الصالحين فجلدتهم بدون ذنب. كما نجاني الله لأجل بري. فأنه يهلكك لأجل اعمالك.
يابني، قد وضعوا رأس الحمار في طبق على المائدة، فتدحرج وسقطت على التراب. فقالوا انه غضب على نفسه لأنه لا يستحق الكرامة.
انك يابني، أيدت المثل القائل إن الذي ولدته ادعه ابنك.
والذي أشتريته سمه عبدك.
يابني، لقد صدق المثل القائل: تأبط ابن اختك فأضرب به الصخرة، ولكن الله الذي أبقاني حياً سيقضي بيننا. وفي تلك الساعة انتفخ نادن كالزق ومات.
فمن يصنع خيراً يلقى خيراً. ومن حفرحفرة لأخيه يملأوها بقامته. ولله الحمد، وعلينا رحمته امين.
انتهت امثال احيقار الحكيم، كاتب سنحاريب ملك آثور ونينوى.
مشاهير السريان
الملفان نعوم فائق
تلك صرخة من صرخات كثيرة كان قد أطلقها الملفان نعوم فائق عله يستنهض الهمم النائمة ويستثير العزائم المتراخية بين أبناء الشعب الآشوري ويحثهم على بلوغ المعالي واقتناص الفرص السانحة. لأن قطار الزمن يمضي مسرعاً ولا يتوقف سوى في محطات قليلة.
هذه القضية كانت شغله الشاغل وهاجسه اليومي. لكي تتوضح معالم الشخصية الفذة لهذا المعلم الكبير وملامح فكره. لابد من سرد أقوال بعض معاصريه من الأدباء والمفكرين وممن امتلكو ناصية العلم , هذا الفكر الذي أغنى حياتنا الثقافية والقومية. وأضاف اضافات كثيرة الى تراثنا الآشوري. فمن الأقوال التي قيلت فيه:
_ (كان نعوم فائق من أولئك الرجال الذين عناهم ديوجينيوس الفيلسوف اليوناني وقد شوهد في رائعة النهار وبيده مصباح وهو يتطوف في شوارع أثينا الغاصة بالناس تطوف من يطلب شيئاً لا يكاد يرى , فسئل عما يطلب فقال أريد رجلا).
د. برصوم بيرللي
_ (لقد نبغ عندنا قبل نعوم فائق كثيرون ولكن كلهم نقلو من السريانية الى بقية اللغات غير انه امتاز على هؤلاء جميعاً بنقله من بقية اللغات الى السريانية فرجالنا الأقدمون تصرفوا بميراث أجدادنا وأنفقوه , وأما هو فقد جمع ثروة أدبية من الخارج وأضافها الى ميراث الأجداد).
سنحاريب بالي
_(نعوم فائق علم غيور ضحى النفس والنفيس في سبيل أمته ووطنه).
المطران يوحنا دولباني
_(قد يعجب البعض من نعتنا نعوم فائق بالعالم, وربما عد البعض هذا النعت مبالغة منا في غير محلها لأنه لم ينل قسطه مما يؤهله لهذا اللقب , ولكننا نعود فنقول ونعزز قولنا بالبراهين الجليلة. إن الفقيد كان عالماً. عالماً بما تحتاج إليه أمته فهو من هذه الوجهة يعد من أكبر العلماء العاملين).
فريد نزها
_(اجتمعت بالسيد نعوم بضع مرات كانت كلها في الدائرة الشرقية من مكتبة نيويورك العمومية حيث كنت أجده عاكفاً على التنقيب والبحث والدرس لتحرير جريدته, ولخدمة أبن
محمد مرجى حريري
محمد مرجى حريري
Admin

عدد المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 47
الموقع : https://samiat.rigala.net

https://samiat.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى